الجمعة، 9 أكتوبر 2020

أنانيّون

 جميع من نلتقي بهم، يحاولون أن يسرقوا منَّا ذكرياتنا، أن يمحوا كلّ ماسبق قبل حضورهم، ويحذفوا جميع من جاء قبلهم، كم نحن أنانيون، نظن بفعلنا هذا بأننا نحبهم أكثر عن كل من سبقونا..

شعور العجز

 أشياء حولي غير مرئية، (بُعْدٌ وانتظار وهزيمة) وشعور العجز لغز إستحال حلّه، واليأس حزام ناسف يربطني مع نفسي، لا أقوى على الحراك، وتلك المسافة غدت سرطان يدمر خلايا صبري، وبعض اللحظات ومظات لم أعشها من قبل، ومازلت أَهْوِي من قمة تلك الحكاية، يهزمني الزمان، وتتسع فجوة العدم، لاشي أتشبث به، وتلك اليد التي انتشلتني سابقاً تركتها تغرق، وواصلت السقوط، ويُعِيد المشهد نفسه، وأعود من جديد (بُعْدٌ وانتظار وهزيمة)



نظافة الأماكن العامه

 الكثير من المواضيع تشدّنا ونتكلم عنها بحماس، ومجرد ذكرها يجعلنا نستشيط غضباً ونثور غيرة، ورغم ذلك لايتوانا الكثير منّا من فعلها، وإن حاولنا أن نجد لذلك الأمر سبب أو تفسير، لما وجدنا له أي عذر أو تبرير، وكأنه خطأ مقصود بدون وعي وبدون اعتراف فاعله، مع انه حدث مع سبق الإصرار والترصد. 

وهذا الأمر من المفارقات العجيبة، يرفضه العقل وتشمئز منه النفس، إلا أننا نقوم به مراراً وتكراراً، وعمداً واختياراً، حقيقة شيء مُحيّر مايقوم به البعض، وإلا كيف نَصِفْ من يُعِدّ لوازم واحتياجات رحلته، ويُخطط للأمر بأدق تفاصيله، (ويتعمد نسيان أخذ كيس للزبالة، أو غرض يضع به مُخلفاته)، ويقطع عشرات أو مئات الكيلو مترات، للوصول إلى مكان يرتاح فيه هو وأسرته، أو هو وأصدقائه، وبعد أن يستمتع بجمال المكان وجمال الطبيعة، يترك مخلفاته ويذهب، تاركاً المكان بأسوأ حال، وهو في قرارة ذاته يعلم يقيناً بأن ذلك الفعل خطأ وغير صواب، حتى أنه مخالف للفطرة الإنسانية، ومع ذلك يقوم به بكامل وعيه، وبمنتهى الصفاقة، ثم بالغد يذهب لمكان آخر ثم آخر، وعلى نفس الوقاحة يكرر المشهد، وعندما يسمع عن شكوى البعض حول نظافة الأماكن العامة أو السياحية، تجده أول المنتقدين وأكثر اللائمين

 كم هو غريب أمرك ياهذا!!

نعم أنت ياهذا، قف رويداً وراجع نفسك، ركز قليلاً وانتبه لحالك، إستحي من أفعالك، وساختك عَفَنْ لوثت البيئة والطبيعة، قاذوراتك التي تركتها سممت الطير والحيوان، قمامتك تلك أقلقت راحتنا وأزكمت رائحتها أنوفنا، كفاكم إمتهاناً وإنتهاكاً وتعدِّياً، الجميع يُطالبك، الطير يصرخ، الحيوان يصرخ، الطبيعة تصرخ، الجميع يترجاك أن ترأف بهم.. 

نعم أنت هو المقصود، أنت هو المَعْنِي، أنت هو الفاعل، أنت هو المُلام، أنت هو هادم الفرح ومحطم الطبيعة، أنت هو فاقد الإحساس، فارجوكم ارحموا عقولكم وارحمونا معكم، اتركوا المكان مثلما كان، لانطلب منكم غير ذلك.



الأربعاء، 7 أكتوبر 2020

العيد الوطني

الحمد لله الذي جعل لنا في الأوطان رابطاً وإرتباطاً، وفي حضنه ملجأً وملاذاً، وعلى أرضه أمناً وسلاما

 وعلى هذا تعاقبت السنين على أهل عمان، فتبدلت أحوالهم، وتغيرت ملامح حياتهم ، وبقيت أخلاقهم الحميدة، وحُسن معشرهم الجميل، وسماحة وجوههم البشوشة، تتوارثها الأجيال جيل بعد جيل، وضل حب الوطن راسخاً في قلوبهم، يجري في حياتهم كمجرى الدم في الشرايين، لايتغير ولايتبدل، ثابتاً لايتزحزح عمَّا كان عليه، فاستكانت بسماحتهم وحلمهم  وطيب أخلاقهم أرض عمان، وعلى ذلك تشكَّلت طبيعة هذه الأرض، فأصبحت تلك الصفات سِمَة مكتسبة في المجتمع، وطِباعاً متأصلة فيه، وتُعدّ تلك من العوامل الأساسية، التي ساعدت على جعل هذا الوطن، مجتمع متسامح ومسالم وآمن. 

ومما ساعد على ثبات هذا النهج، أئمة وسلاطين، كانوا رموز فخر لهذا الوطن، حرصوا كل الحرص على استمرار هذا الإرث العظيم، فتمسكوا بمبادئه وذادوا عن حماه، ولزموا حدوده، فكانوا سادة عصرهم، وسلاطين زمانهم، بهم أصبحت عمان رمز سلام وأمان، فنقش التاريخ أسمائهم على صدره، بأحرف خالدة، يتلألأ بريقها عزّة وشرفاً ونخوة، كبريق ولمعان سيوفهم، التي سُلّت في وجه الطغاة والغزاة، فكانت منارة للعدل، ومقصداً لكل مظلوم، جيل يُكمّل الآخر، ومسيرة تتعاقب بنظام ونهج واحد، كحلقات سلسلة مترابطة، يصل بعضها بعضاً، حتى بزغ عام سبعون، فكان صفحة جديدة في قاموس عمان، بدأ يكتب أحداثها، ويرسم مسيرتها، جلالة السلطان قابوس إبن سعيد طيّب الله ثراه، فكانت على يديه نهضة جديدة، وصحوة عملاقة، أسس بنيانها بكل شغف وحب، فكان لعمان وشعبها القائد الفذّ الحكيم، والأب الحاني الرحيم، ومضى يحرث عمان من أقصاها إلى أقصاه، فأخرجت عمان كنوزها، ودبّت الحياة في أوصالها، وبدأت معالم عمان العصريّة تتشكل كالحلم، سرعان ماتحول إلى واقع جميل، ومضت 49 عاماً وجاء أمر الله مُعلناً وصول الأجل المحتوم، فترجل عن صهوة جواده، أحد أعظم فرسان عمان، تاركاً وصيته لقائد عظيم آخر، جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، لِيُكمل المشوار بنفس النهج القديم، وعلى خطى الراحل يُكمل البناء، لتستمر عمان على يديه نهضة أخرى متجدده، تضخّ بحكمته دماء التجديد في شرايين هذا الوطن، مُستعيدة عمان نشاطها نحو المستقبل

فاستيقضت تحت مطارق عزمه وحنكته، خيرات أرض عمان، وبدأت بحزمه وحكمته، تؤتي أُكْلُها أضعاف مضاعفه، فلم يتوقف عن سعيه رغم قساوة الظروف، التي تمر بها البلاد والعالم من حولها، ولم يتوانا في تحقيق رؤية عمان التي يصبوا للوصول إليها، فهنيئاً لعمان وشعبها سلطانها هيثم، جبل آخر يقف بشموخ بجانب إخوته قادة عمان، كالبنيان المرصوص حُماة لأرضها، وإمتداداً لتاريخها العظيم، وصوناً لروحها التي أثنى عليها خير خلق الله أجمعين، نبينا محمد عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم حين قال "لو أهل عمان أتيت ماسبّوك ولا ضربوك" فكانت شهادة فخر وإعتزاز على صدر كل عماني

 ونحن اليوم في عيدك الميمون مولاي، نردد الدعاء لك ولعمان

 "فارتقي هام السماء

 واملئي الكون الضياء

واسعدي وانعمي بالرخاء" 

و "ياربنا احفظ لنا جلالة السلطان"




السبت، 3 أكتوبر 2020

أمراض الدم الوراثية

 عندما تذهب إلى المستشفيات، وتدخل إلى قسم أمراض الدم الوراثية، وترى أولئك الأطفال على الأسرّة، وسقّايات الدم تُغذي أجسادهم المُنهكَه، والبعض يصرخ من شدة الألام المُبرحه، والآخر يلعب في الممر حاملاً سقّايته معه، أنّات تهزّ الوجدان، وتنهُدات تقشعر لها الأجسام، حينها ستشعر بضرورة إلزام الجميع بالفحص قبل الزواج، فهو الحل للتخلص من هذه المشاهد المؤلمه. 

ربما يُخالفني البعض ويقول كل شيء بأمر الله، ولن يُصيبنا إلا ما كتبه الله لنا، وأقول لكم نعم كل شي بأمر الله، وهذا أمر مُسَلَّمٌ به ولا اعتراض عليه، ولكن كلّ شيء له سبب ومسببات، ويُقال متى ماعُرِفَ السبب بَطُلَ العجب، وبما أن السبب أو مصدر الداء معروفةٌ أسبابه، فيجب علينا أن نحذر منه، وأن لانُلقي بأنفسنا إلى التهلكة، فالعلم تطور ولله الحمد، فلاننبذه وراء ظهورنا، ونتعلل بأن كلّ شي قدر مكتوب، هذا ليس بإيمان، كما أنه ليس توكلاً على الله، فالإسلام لم يأمُرْنا بالعِلْم ويَحُثّنا عليه كي نزداد جهلاً، وإنما لكي نستخدمه ونعمل به، ونستغلّه بما يخدمنا ويُفيدنا، فعِلْمٌ لايَنْفَعْ إستعاذ منه الرسول (اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع،..... إلخ ) ، ثم أنه مجرد فحص بسيط وتتعرف على نفسك صحيّاً، فإن كنت تحمل مرضاً وراثياً أو مصاباً به، إبحث لك عن زوجة خالية من هذا المرض، وبهذا تتجنب أن تَلِدَ أبناء مصابون، وتُجنِّب أبناؤك ألم وعذاب دائِمَين، وأيضاً تُساهم في الحد من إنتشار هذه الأمراض في مجتمعنا العماني، 

حيثُ أشارت آخر المسوحات الصحية في السلطنة، إلى أن حوالي 60% من سكان السلطنة، يحملون إحدى جينات أمراض الدم الوراثية، و10% منها جينات لأمراض دم خطيرة، كذلك أشارت الإحصائيات بأنه يولد سنويا حوالي 150-170 طفلاً مصاباً بفقر الدم المنجلي، وحوالي 25 طفلا مصاباً بالثلاسيميا العظمى سنوياً، أي أنه يوجد حاليا حوالي 8 آلاف شخص مصاب بالأنيميا المنجلية في عمان، وهذا الأمر يحتاج لوقفه وتكاتف الجميع، من أجل مجتمع صحي، ووطن قوي. 




إطارك الخارجي

 إطارك الخارجي مهما غلا ثمنه، وزان حُسنه، إلا إنه سيبهُت لونه مع الوقت، أو تغفل عنه يوماً فيأتي أحدهم ويسقِطه، وقد يتشقق فجأة أو ينكسر، فاحرص على إنتقاء صورتك قبل إختيار البرواز، فأحياناً يكون البرواز مجرد غلاف خادع،  وغرور كاذب، وما اختيارك له إلا دليل تصرفات بائسة. 


الإعتراف بالتقصير

 عندما يتعلّق الأمر بالتقصير، ويبدأ اللوم والعتاب، تكثُرُ التبريرات، وعبارات الأسف، فتهدأ عندها النفس ويرتاح البال، وتنسىٰ ماحدث من تقصير، ولكن عندما يكون التقصير واضحاً، والأمر أمام عينيك بالتَّلَبُّسِ مشهوداً ، هل يُفيد المُقَصِّر -هنا- التظاهر بالحزن والأسىٰ وحُسن النيّة؟


فإن كان الجواب (لا) فلابد إذاً من الإعتراف بالذنب، والإقرار بالتقصير، وأن يكون طلب العفو والصفح صادقاً، فالخطأ خطأ مهما كانت مبرراته، وعلى الجميع تحمّل نتائج أخطأهم، وعلى المخطيء أن يكون شجاعاً ليُقدّم أسفه ويبادر باعتذاره، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"فكونوا مسؤولين عن أخطائكم، لاتتركوها معلَّقه دون توبة أو إعتذار.

صباحكم تلبية لذلك النداء القادم، من تلك الأرواح المكلومة، فارهفوا السمع لئنَّات القلوب الموجوعه، وانصتوا إليهم، لعلكم ظلمتم أحدهم يوماً، بقصد أو بدون قصد.



نبين الخطأ والصواب إعتراف

 وهكذا نعيش الحياة مع الخطأ والصواب، والذنب والإستغفار، والبحث عن الكمال، ولكننا بطبيعة الحال لن نصل إليه، فالكمال لله وحده، وسنضل نعتب على هذا ونُسامح ذاك، ويلومُنا زيد ويعذُرُنا عبيد، وهكذا تمضي بنا الحياة، نعيشها بجميع تفاصيلها، بحلوها ومرّها، خيرها وشرها، في كل مراحل عمرنا، نتعثر ونقف، ونعترف بالفشل والتقصير، على أمل الإصلاح، ويدفعنا الفرح بالنجاح نحو التميّز والإستمرار، ولكن هناك فئة من الناس، يعيشون الحياة معتقدين بأنهم إنتصروا على كل خيبات البشر، وبأنهم إستطاعوا أن يصنعوا من ذاتهم، ذلك الإنسان الذي لايقهره شيء، ولايهاب من شيء، يصرخون للملأ من حولهم، نحن لاننكسر، لانتألم، لانتأثر، ولايوجعنا شيء، فهل هذه حقيقة لدى البعض، أم هي أوهام لنفس تسكنها الخوف، ويُحطمها الحزن، فلم تجد إلا تهميش ذاتها والتعالي على الغير؟

فهل يستطيع الإنسان فعلاً أن يبني بينه وبين الخطأ حاجز، وأن يعيش بمعزل عن كل فشل، وأن يجعل لنفسه طريق واحد في الحياة، يسلكه دون أن يتعثّر؟ 

إذاً هناك من يعيش وهم الكمال، ويمضي في الحياة ظاناً بأنه لايُقارن بأحد، فتجد حديثه مليئاً بالأنا والفوقيّة، وأنه من القوة بمكان حيث لايتأثر بشيء، وأنه يسمو فوق كل تأثيرات الحياة، فاعلم يا هذا بأنك ناقص، وأن الغرور قد أخذ منك مأخذاً عظيما، وأن الكمال لله وحده، وأن الاعتراف بالفشل يقود إلى النجاح، والإقرار بالألم يداوي الجراح، وإحترام الذات تكسبك الثقة في نفسك، وتدفعك إلى التواضع أمام الناس، فكن مثل الناس، ومع الناس..



في صمتنا حكايات ومشاعر

 أحياناً تخوننا الكلمات أن نبوح عن مشاعرنا، وتخذُلنا العبارات أن نشرح مدى إهتمامنا، فنكون مجبرين على الصمت، فلاتُسِيئوا فهم صمتنا، ففي نبضات الصمت، قصص ترويها النَّظَرات والعَبَرَات والخَلَجَات، وحتى السكون والحركات له إعترافات ودلالات، فَمَنْ يُهِمّهُ أمرنا، سيقرأ في ملامِحنا صدق المشاعر، وسيتجاوز صمت الحديث، ففي طعم الفرح لنا حضور، وفي ممرات الذاكرة نَجول، وفي قلب الحنين تنبض أشواقنا إليكم، فبعض المشاعر يرويها  الصمت، ألا تكفي خفقات قلوبنا عند الحضور؟!


صباحكم ملامح هادئة، تُبْصر بعين القلب، نبضات الصمت حولها، وألحان الآهات في القلوب المكسوره.



هنا أقف وأنتظر وحيدا

هنا أقف وأنتظر وحيدا